السبع الموبقات وأثرها

ما يُستفاد من حديث “اجتنبوا السبع الموبقات”

حديث “اجتنبوا السبع الموبقات” هو حديث نبوي شريف رواه البخاري ومسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويعد من الأحاديث المهمة التي توضح خطورة بعض الأفعال التي قد تؤدي إلى هلاك الإنسان في الدنيا والآخرة. هذه الأفعال السبع وردت في الحديث على أنها “الموبقات”، أي الأشياء التي تسبب هلاك الشخص في دينه وحياته. ويُعتبر هذا الحديث من الأحاديث التي تشرح تفاصيل خطورة بعض المعاصي وكيفية اجتنابها لتفادي الوقوع في الهلاك.

من خلال الحديث، يوضح النبي صلى الله عليه وسلم أهمية اجتناب هذه الأفعال والتمسك بما يعين المسلم على طاعة الله والابتعاد عن ما يوقعه في المعاصي والذنوب. في هذا المقال، سنتناول ما يستفاد من هذا الحديث الكريم، ونناقش كل فعل من الأفعال السبع الموبقات، مع بيان تفاصيل حكمها الشرعي وأثرها في حياة المسلم.

1. الشرك بالله

الشرك بالله هو أول الأفعال الموبقة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه، وهو وضع الشريك لله تعالى في العبادة أو في صفاته. في الإسلام، يُعتبر الشرك أكبر المعاصي التي قد يرتكبها الإنسان، فهو يضاد التوحيد الذي هو أساس الدين الإسلامي.

حكم الشرك بالله:

الشرك بالله هو خروج عن عبادة الله وحده، وقد نص القرآن الكريم في عدة آيات على تحريمه ووعيده لمن يقع فيه. قال الله تعالى:

“إِنَّ اللَّـهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ” (النساء: 48).

هذه الآية تشير إلى خطورة الشرك وأنه لا يغفره الله إلا إذا تاب العبد قبل موته.

آثاره في الدنيا والآخرة:

الشرك بالله هو السبب الرئيسي في خسارة الإنسان لنعمة الإيمان، وقد يؤدي إلى العقاب الأبدي في الآخرة إذا لم يتب صاحبه قبل موته. في الدنيا، يُفقد الإنسان شعور الطمأنينة والسعادة الحقيقية لأنه ابتعد عن الطريق الصحيح وأدى عبادة غير الله.

2. السحر

السحر هو نوع من المعاصي التي تتعلق بالتعامل مع القوى الخفية والشريرة التي قد تؤثر على حياة الإنسان. وقد نُهِي المسلمون عن تعلم السحر أو استخدامه بأي شكل من الأشكال.

حكم السحر:

يُعد السحر من الكبائر في الإسلام، وقد ورد تحريمه في القرآن الكريم، فقد قال الله تعالى:

“وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى ٱلْمَلَكَيْنِ فِى بَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ” (البقرة: 102).

هذه الآية تبيّن أن السحر كان يُعلمه الشياطين للناس، وأنه سبب من أسباب كفر الإنسان.

آثاره في الدنيا والآخرة:

السحر قد يؤدي إلى إفساد العلاقات بين الناس، وقد يتسبب في أضرار جسيمة على المستوى النفسي والصحي. كما أنه قد يؤدي بالإنسان إلى الكفر إذا لجأ إليه واعتقد في قوته على التأثير على قدرات الله تعالى. في الآخرة، يُعتبر السحر سببًا من أسباب العقاب إذا لم يتب الشخص منه.

3. قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق

قتل النفس بغير حق يعد من أبشع الجرائم التي قد يرتكبها الإنسان في حياته. وقد حرّم الإسلام قتل النفس البشرية إلا في حالات معينة يُسمح فيها بالقتل، مثل القتل في القتال المشروع أو تطبيق حد من حدود الله على المجرمين.

حكم قتل النفس:

قتل النفس بغير حق يُعد من أكبر الكبائر وأشد المعاصي. في القرآن الكريم، قال الله تعالى:

“وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّـهُ إِلَّا بِالْحَقِّ” (الإسراء: 33).

ويُعد هذا التحريم قاطعًا على أي صورة من صور القتل غير المشروع.

آثاره في الدنيا والآخرة:

قتل النفس يؤدي إلى هدم الروابط الإنسانية وزعزعة الأمان في المجتمع، كما أنه يشكل إثمًا كبيرًا يؤدي إلى العقاب الشديد في الآخرة.

4. زنا المحصنات

الزنا هو من الأفعال المحرمة في الإسلام، وزنا المحصنات، أي الزنا بالنساء المتزوجات، يُعتبر من أسوأ أنواع الفواحش. وقد حرّم الله الزنا في القرآن الكريم، وجعل له عقوبة شديدة في الدنيا والآخرة.

حكم الزنا:

الزنا يُعد من الكبائر في الإسلام، وقد ورد تحريمه في القرآن الكريم في قوله تعالى:

“وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا” (الإسراء: 32).

أما زنا المحصنات، فقد حُددت عقوبته في الإسلام بحد الرجم أو الجلد حسب الحالة.

آثاره في الدنيا والآخرة:

الزنا يؤدي إلى تفكك الأسرة والمجتمع وخلق فوضى اجتماعية وأخلاقية. في الآخرة، يُعرض الشخص للعقاب الأليم، سواء كانت العقوبة في الدنيا قد تم تنفيذها أو لم تتم.

5. أكل مال اليتيم

أكل مال اليتيم هو من أكبر المعاصي التي حذّر منها القرآن الكريم، وقد جاء التحذير من أكل مال اليتيم في عدة آيات، وأكد على ضرورة الحفاظ على حقوق اليتامى.

حكم أكل مال اليتيم:

أكل مال اليتيم حرام بنص القرآن الكريم في قوله تعالى:

“إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا” (النساء: 10).

آثاره في الدنيا والآخرة:

أكل مال اليتيم يؤدي إلى زيادة الفقر في المجتمع، ويعزز الظلم والفساد. في الآخرة، يُعتبر هذا العمل من أسباب العقاب الشديد.

6. التولي يوم الزحف

التولي يوم الزحف يشير إلى الفرار من المعركة أثناء القتال، وهو أمر محرم في الإسلام. وقد ورد في القرآن الكريم تحذير شديد من التولي يوم الزحف.

حكم التولي يوم الزحف:

يُعتبر التولي يوم الزحف من الكبائر، ويُعد من أفعال الجُبن التي تتناقض مع المبادئ الإسلامية التي تحث على الثبات في الجهاد.

آثاره في الدنيا والآخرة:

هذا الفعل يعكس ضعف الإيمان وقلة الثقة بالله. في الدنيا، يؤدي إلى ضعف الروح المعنوية في صفوف المسلمين وتفكك الجبهة الداخلية. أما في الآخرة، فيعني خسارة عظيمة للمسلم.

7. قذف المحصنات

القذف هو إتهام الأشخاص بالزنا أو الفاحشة دون دليل شرعي، وهو من أشنع الأفعال التي تهدم حياة الناس وتدمر سمعتهم.

حكم القذف:

القذف محرم في الإسلام، وقد قال الله تعالى في كتابه الكريم:

“إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ غَافِلاَتٍ مُؤْمِنَاتٍ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ” (النور: 23).

آثاره في الدنيا والآخرة:

القذف يسبب تدميرًا للسمعة والشرف، ويؤدي إلى التفكك الاجتماعي. في الآخرة، يعرض الشخص نفسه لعقوبات شديدة.

الخلاصة

يُعتبر حديث “اجتنبوا السبع الموبقات” من الأحاديث النبوية الشريفة التي تبيّن لنا خطورة بعض الأفعال التي قد تؤدي إلى هلاك الإنسان في الدنيا والآخرة. من خلال الحديث، يُحذر المسلمون من ارتكاب هذه الأفعال السبع، ويُشدد على ضرورة تجنبها للعيش في طاعة الله تعالى والابتعاد عن المعاصي التي تؤدي إلى الهلاك.

المصادر:

• القرآن الكريم

• صحيح البخاري